"هذه قصة الوجه الآخر من التكوين/أكتبها/بحبر ضاع/أكتب عكس الكلمة/أكتب/عكس الذاكرة/وكل شيء صار/كيف صار". من قصيدة "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع" لأنسي الحاج.
في أشدّ الغزل الذي يكتبه الشاعر أنسي الحاج حول حبيبته، يصفها بالرسولة بشَعرها الطويل حتى الينابيع، هذه الصورة الشِعرية، التشكيلية، الجمالية، وكذلك هي الرمزية من حيث التمازج بين الشَعر وبين الماء، بين التوالد والاستمرارية، بين الينبوع وجسد الإنسان. كلها مفاهيم تتطرق إلى ذهن المتلقي في التجربة التشكيلية للفنانة عفراء الظاهري، التي تمتد بين اللوحة، المنحوتات من الإسمنت والخزف والزجاج، وكذلك أعمال في فن التجهيز والتصوير الضوئي.
تحاول الفنانة عفراء الظاهري من خلال أعمالها الفننية أن تخلق ذلك التداخل بين الإشارة والرمز، بين المرئي والمخفي، بين اللحظة والذاكرة وهي مفاهيم تحضر باستمرار في أعمالها الفنية
الوعي والمواد التي تتكون منها الأشياء
في كتابه "الفن والحس" يشرح ميشال ديرميه كيف أنه، وبالفن التشكيلي، حين تصنع الأشياء من مواد غير تلك المواد التي اعتاد الدماغ عليها، ذلك يدفع الوعي إلى التشكيك في العالم الفيزيائي من حوله. فمثلاً، تدفعنا التماثيل الشمعية للمشاهير للتشكيك بحقيقتها، وبالتالي بحقيقة العالم الفيزيائي من حولنا، لكن ذلك يفتح الخيال لتقبل الجديد.
في عملها "We Hang No More، 2017" عندما نرى تعليقات الثياب الخشبية أو البلاستيكية في العادة، مصنوعة من الزجاج. تأتي مادة الزجاج هنا لتشكك الوعي بمعرفته المسبقة في العلاقة بين المواد والأشياء، ومن ثم يأتي إضافة إلى الخيال في تخيل احتمالات هذه العلاقة، فيضيف إلى معرفته البصرية والفكرية، إمكانية صناعة أشياء من مواد جديدة ومختلفة.